تدبير تقتيل إسرائيل للفلسطينيين بمن فيهم مقاتلو حماس!!

تدبير تقتيل إسرائيل للفلسطينيين بمن فيهم مقاتلو حماس!!

المعادلة تبدو لأول وهلة جزءاً من سكيتش ساخر، وغير معقول، وغير واقعي أساساً… بينما حقيقة الأمر مفاجِئة وصادمة بكل المعايير!!

مضطرٌّ أخوكم للعودة مرة أخرى إلى الموضوع ذاته، والمسمَّيات ذاتها، ولكن في سياق مختلف نوعاً ما، لأنني هذه المرة سأحاول الرجوع إلى ألف باء الحكاية.

في زمن مضى وغير بعيد، تأسس “تنظيم حماس” على أيدي فسيفساء من الإخونجيين المُفَوَّهين، ومسؤولين من المخابرات الأمريكية ونظيرتها الإسرائيلية، بمباركة من القائد نتنياهو الذي ساهم في هندسة هذا الوفاق العجيب، وكان الاتفاق بين هؤلاء منذ البداية يقضي بالإذن لدولة قطر بتمويل التنظيم الجهادي حماس، الذي وإن كان سابقا في تأسيسه على داعش فإنه لم يختلف عنها إلا في الإسم… فالهدف هو نفسه: تعويم المقاومة العربية ضد إسرائيل، ومنح هذه الأخيرة وراعيتها أمريكا المبررات اللازمة والكافية لتنفيذ مخططات متعددة ومختلفة ولكنها تصب في البوثقة ذاتها، التعويم، والتعويم، ثم التعويم… لكي لا يكون ظاهر شعارات النضال ضد الكيان الصهيوني متآخيا ولا حتى متقاربا مع الحقيقة الخفية، التي تبتعد كثيرا عما تخطط له وتهندسه الماسونية العالمية… ولا يظن عاقل أن المحفل الماسوني العالمي يمكن ان يسمح، ولو في الأحلام، بقيام أدنى عمل جاد وعاقل ضد “إسرائيل/الدولة”، التي تشكل مشروعا في مراحله الأخيرة قبل التحول إلى “إسرائيل/الأمة”، وفي هذا السياق بالذات، لا يحق لأي عاقل وذي لب أن يعتقد بجدية مشروع الدولتين، كما نظّرت له المبادرة العربية المحتشمة… وأقول المحتشمة، لأنها لم تضع لتطبيق وتنفيذ هذا المشروع أي جدول زمني، ولا أي إجراءات عملية وميدانية، ليبقى مجرد أدبيات ورقية، صادرة عن كيان عربي ورقي هو الآخر، لأنه لا يمتلك سيادة قراراته، فبالأحرى أن يجعلها قرارات ملزِمة، سواء على الصعيد الفلسطيني العربي، أو على المستوى الإسرائيلي، الذي يبقى متعاليا بكل المعايير، والدليل على ذلك نَشْهَدُه اليومَ حضوراً، ونُشاهِدُه بأمّ الأعين!!!

الإجابة على السؤال المحتمل والمشروع حول الهدف من فبركة تنظيم حماس بأيدي ذلك الخليط غير المتجانس ظاهرياُ، المتناغم والمتلاحم باطنياً، من الجهات العاملة وراء الحُجُب، إنما هو نفس الهدف القائم في ذات اللحظات التي كانت تنطلق فيها كل الهجمات الفدائية لمقاتلي حماس، على امتداد كل السنين التي تلت تأسيسه، وهو خطف مبادرة النضال المسلح ضد إسرائيل من أي توليفة فلسطينية شعبية، كتلك التي انجبت ظاهرة الانتفاضة، وتولّدت عنها ظاهرة أطفال الحجارة، والحرص، بخلاف ذلك، على تحويل أي نضال خارج هذين النموذجين الشعبيين العفويين التلقائيين إلى عمليات مدروسة ومحسوبة ومدبرة من لدن نفس التركيبة المخابراتية التي أسست التنظيم الجهادي، خارج وعي وإرادة حطب هذا التنظيم، المتشكّل من شباب ومراهقين تَمَّ غسلُ ادمغتهم منذ طفولتهم الصغرى، فصار همهم الأكبر ان يموتوا بأي طريقة من الطرق في سبيل “القضية”… وبذلك شكلت “القضية”، مُعَرَّفةً، شُغلَهم الشاغل، وشكل الموت حرقاً، أو انفجاراً، أو انتحاراً واعياً ومقصوداً زبد ذلك الهم، المتحول إلى أمل قابل للتحقق في أي لحظة، مما يجعل من هؤلاء اليافعين “موتى مع وقف التنفيذ”، كما سبق وصفهم في مقال سابق!!!

المهم أن لا يقع أي هجوم على السلطات الإسرائيلية إلا بالتنسيق معها، وأن لا يأتي هذا الهجوم المحتمل إلا من كتائب حماس، ذات الأسماء الرنانة، التي تفعل فعلها في مخيال المقاتلين وفي لاوعيهم، فيندفعون إلى التنفيذ دونما أدنى فطنة إلى ما يدور في الجانب الآخر من الهواتف الحاملة لأوامر الانطلاق والهجوم… تماما كما حدث في ذلك السبت الأسود، الذي نفذ مقاتلو حماس فيه “هجومهم/الظاهرة”، فيما كانوا يعتبرونه سبتاً أبيض منوَّراً وملوَّناً بكل ألوانِ جِنان الخلد… حتى أنهم لم ينتبهوا إلى أن قوات إسرائيل، الشهيرة باحترافيتها وجاهزيتها الريادية عالميا، ومخابراتها ذات الأعين المنفتحة على كل بقاع الأرض، لم تحرك ساكنا طيلة السويعات الأولى من انطلاق عمليات ذلك الاختراق، حتى إذا بدا لقادتها أن الحد المخطط له من الضرر قد استنفد حجمَه وخطوطَه الحمراءَ، بدأت الآلة الإسرائيلية الجهنمية في تنفيذ الخطة الحقيقية، الكامنة وراء كل ما سبقها من المُقَبِّلات والمُوَطِّئات، وانطلقت في هجماتها الوحشية على غزة والقطاع، مع حرص هزليٍّ وغيرِ جادّ وغير أكيد على توجيه دعوات للمدنيين بإخلاء منازلهم بمجموع تراب المنطقة موازاةً مع قنبلتهم، ومع إغراق عمليات إخلائهم بالصواريخ الذكية، الحاملة رؤوسُها لقنابل فوسفورية وَثَّقتها كاميرات الهواتف النقالة لبعض الهاربين من ذلك الجحيم… والبقية نعلمها جميعاً، ولا تزال مراحلها في طور التَّحَقُّق والتوسُّع!!!

نهايته، وكما أكدتُ على ذلك في مقال سابق، صدرت الأوامر من قيادة حماس بالهجوم المدبَّر والمعدّ له سلفاً من لدن ذات القيادة ومصالح الموساد، وتنحّت قوات الجيش الإسرائيلي حانبا لبعض الوقت إلى أن تستكمل اللعبة باقي عناصرها، وإلى أن تتكبد إسرائيل من الخسائر ما يكفي لأخذها بزمام الأمور من جديد..  وهكذا كان!!!

ملاحظات لا بد منها:

* لأول مرة يتقاعس الجيش الإسرائيلي عن تكريس تفوّقه المشهود به عالميا، بالرغم مما سبّبه ذلك من مساس بسمعته، علما بأن قواعد البيان في كل الحروب والمعارك التي خاضتها جيوش إسرائيل تقتضي الحرص على التخفيف من ارقام الخسائر والأضرار حتى لا تُشعِر العدو بأي إحساس بالتفوق؛

* لأول مرة تحرص الإدارة الإسرائيلية على التصريح بأرقام منفوخة في تعداد خسائرها من القتلى والجرحى والعتاد ومن البِنيات بخلاف عادتها في كل المعارك السابقة؛

* لأول مرة يحرص رئيس الحكومة بلحمه وعظمه على التصريح شخصيا بحجم الخسائر، قبل أن يُفصِح مباشرة عن عزمه الثأر ومتباعة حماس “زنقة زنقة” كما قال المرحوم القذافي؛

* ولأول مرة، تُحرِّك الولايات المتحدة الأمريكية إحدى حاملات طائراتها، لدعم الجيش الإسرائيلي، وهو الإجراء الذي لم تقم به أمريكا من قبل إلا في حالة نشوب حروب نظامية بين الجيوش، وليس لمجرد شن هجوم خاطف من لدن تنظيم جهادي كحماس، الذي تعرف أمريكا قبل غيرها أصلَه وفَصلَه، وتُحصي بكل تدقيق قدراتِه وإمكاناتِه القتاليةَ المحدودةَ مقارنةً مع جيش في غاية القوة والاحترافية كجيش إسرائيل!!!

أليس هذا دليلاً على وجود مخطط مدبّر بعناية لضرب حماس والمقاومة الفلسطينية في الصميم واجتثاثها من الجذور، بمجرد وقوع هجمة معلومة مسبقاً، كانت حاملات الطائرات الأمريكية ذاتُها مستعدة للرد عليها قبل أن يصدر الأمر بانطلاقها من أحد هواتف إسماعيل هنية، المختبئ كالفأر في الديار التركية صحبة أسرته ونسله ودائرته “الجهادية” ومساعديه الأقربين، أمثال خالد مشعل وغيره… وقد طاروا جميعهم إلى تركيا قبيل انطلاق الهجمة بزمن يسير؟!

أليس ذلك كله دليلا على أن الأمر مدبَّرٌ ومخططٌ له قبل انطلاقه، من لدن قيادة حماس وأسيادِها الحقيقيين؟!!

مجرد سؤال!!!