تاجر الشنطة بتلك المحطة الشرقية  للغاز والنفط؟!

تاجر الشنطة بتلك المحطة الشرقية  للغاز والنفط؟!

هل يمكن اعتبار الجارة الشرقية كياناً آخر غير كونها محطة لضخ الغاز والنفط، وتاجر شنطة يقايض سلعته بمواقف سطحية تحولت مع مرور الوقت إلى لعبة ابتزاز تخسر فيها تلك الجارة دماء الوجه، وتبذّر بسَفَهٍ زائد بترودولاراتها من أجل مجرد شعار يعلَن في مناسبة رياضية، أو فنية، أو حتى هبائية على هامش تظاهرة من التظاهرات!!!

دول معروفة إفريقية وأمريكولاتينية تتظاهر تارةً بالميل إلى الموقف المغربي الثابت والقائم على الرواسخ، ثم تعود تارةً أخرى إلى رشدِها، أو يعود إليها رشدُها، بمجرد ظهور محفظة تاجر الشنطة “الواسطي”… ويا حسرة على لقب “الواسطي” هذا، الذي كان إلى غاية بداية ستينات القرن الماضي مبعث فخر واعتزاز للمواطن الجزائري، ابن “المغرب الأوسط”، لأنه كان يخلق لديه شعورا بالانتماء والاقتراب من المغربين الأدنى والأقصى، فيثير فيه ذلك نوعا من الأنفة وعزة النفس، بخلاف كونه الآن “جزائريا فقط”، وهو الانتماء الذي يثير لديه نوعا من الحرج لأنه، بالكاد، يذكّره بقرابة الدم والرحم إلى قراصنة الزمن الفائت، أمثال الإخوة بابروس، الذين سارت بذكر جرائمهم الركبان!!!

أثناء تظاهرة رياضية كروية إفريقية، احتضتنها مدينة وهران الجزائرية، حرص تاجر الشنطة على استقدام صعلوك قالوا إنه حفيد نيلسون مانديلا، اشتهر بالبزنسة والنصب والاحتيال في بلاده جنوب إفريقيا، فقدّم له التاجر محفظة مكتنزة بدولارات العم سام، التقطتها عدسات الفضوليين ونشرتها على أوسع نطاق في حينه، لقاء وقوفه أمام الميكروفون الذي تم نصبه للإعلان عن بداية التظاهرة الرياضية، ليقول كلاما، أيّ كلام، عن اللقيطة الجزائرية، البوليساريو، وليبصم أمام أنظار العالم المتحضر على رُخْصِ وهوان الطالب والمطلوب ودناءتهما معاً، وليتفرج العالم بشيء من السخرية اللاذعة على من حشرهم الله معنا في الجوار!!!

وبالأمس فقط، وقف تاجر الشنطة من جديد، ليعلن أمام أنظار العالم عن سحب ترشيحه لاستضافة نهائيات كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم، برسم دورة 2025, لا لشيء آخر، سوى لأنه لم يعد يستطيع تلقي المزيد من الهزائم أمام جاره المغربي، الذي أثخنه بجروح لن تندمل إلا بذهاب نظامِ تاجرِ الشنطة إلى مزبلة التاريخ، وغرقه في يَمّ النسيان إن كان للنسيان يَمّ!!!

ولأنه أشفق على نفسه من أن يخسر أمام الترشيح المغربي بالإجماع، فضل سحب ملف ترشيحه بغباء منقطع النظير، لأنه لم يفطن من فرط عربدته وسُكْره الطافح إلى أنه لم يفعل ذلك إلا في سويعات قليلة قبل التئام الجمع العام للكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، والذي كان عليه أن يبتّ بالتصويت النزيه والشفاف وأمام أنظار العالم فيمن سيؤول إليه شرف استضافة النهائيات، مما جعل المجلس التنفيذي للكونفدرالية يرفض قرار تاجر الشنطة بسحب ملف ترشيحه، لأن الأوان فات على هكذا قرار!!!

وكما كان يخشى تاجر الشنطة، تم التصويت بالإجماع على قبول الملف المغربي، ولم يحظ ملف ذلك التاجر ولو بصوت واحد يحفظ ماء الوجه… وأي ماء في وجه محطة لضخ الغاز والنفط كل همّها أن تتنقّل بين المناسبات والتظاهرات والندوات والمؤتمرات بمحفظتها في بحث يائس عمن يبيع  ذمةً، أو يؤجّر ضميراً، أو عمن يتنازل عن شيء من الكرامة لقاء حفنة دولارات تحمل بين أوراقها الخضراء رائحة عرق الشعب الجزائري، الواقف في طوابير لا تنتهي، من أجل الظفر بكيس عدس أو حمص أو فاصوليا أو سَميد، وعلبة حليب مسحوق أو مخلوط بأي هم من هموم الدنيا، في زمن جزائري أكثر سواداً من ليل التاريخ!!!

والآن… ماذا بقي لتاجر الشنطة بعد أن خسر رهانه على الانضمام لمجموعة البريكس، بسبب عدم جاهزيته سياسيا واقتصاديا واجتماعيا… ولا حتى ثقافيا… ومن جميع النواحي؛

ماذا بقي له بعد أن انغمس أنفه في وحل الخسران الدبلوماسي تحت قبة الجمعية العامة للأمم المتحدة؛

ماذا بقي له بعد أن لم يعد أمامه سوى السجود لقوى في منتهى الذكاء والفطنة لا تزن إلا بميزان مصالح أوطانها ومواطنيها، بدءاً بروسيا، ومروراً بإيران، وانتهاءً في أحضان جمهورية خامسة آيلة إلى السقوط، تشكّل مع تاجر الشنطة صورتين نمطيتيْن لتوأمين سياميين يجمعهما الفشل والتقهقر والتردي، يجسّدهما معاً كل من الرئيسين ماكرون وتبون… وما هَوْلُ قمامة التاريخ عنهما معاً ببعيد!!!

بعد هذا كله، ماذا بقي لتاجر الشنطة غير أن يقف عند محطته في انتظار من يقايض غازا ونفطا مقابل شيء من الذمة والضمير والكرامة باتت جميعها في حكم الندرة والامتناع؟!

مَن يُقايض؟!

“تفو عليها دنيا”!!!