المغرب ماض في بناء صرح نموذجه التنموي الذي يجعل من تأهيل العنصر البشري وتعزيز قدراته ركيزته الأساسية
أكد رئيس الحكومة السيد سعد الدين العثماني، اليوم الأربعاء بالرباط، أن المملكة المغربية ماضية في بناء صرح نموذجها التنموي الذي يجعل من تأهيل العنصر البشري وتعزيز قدراته ركيزته الأساسية.
وقال السيد العثماني في كلمة ألقاها خلال افتتاح أشغال المنتدى العربي للتنمية المستدامة لعام 2017، المنظم تحت شعار “القضاء على الفقر وتعزيز الازدهار في منطقة عربية متغيرة”، إن المملكة المغربية ما فتئت تعمل جاهدة على إرساء نموذج تنموي ناجح يقوم على اعتماد تنمية اقتصادية مندمجة ومستدامة تركز على تأهيل العنصر البشري الذي يعد “المفتاح الحقيقي للتنمية”.
وأبرز رئيس الحكومة أن هذا المنتدى يشكل فرصة سانحة للتفكير الجماعي حول سبل تحقيق التنمية المستدامة بالمنطقة العربية، أخذا بعين الاعتبار الخصوصيات التاريخية والاجتماعية والدينية والجغرافية لكل بلد عربي على حدة، مشيرا إلى أن أهداف التنمية لن تتحقق في معزل عن تحقيق حد أدنى من الأمن والاستقرار الذي أضحى المحفز الرئيسي لتحقيق الغايات المنشودة.
وأوضح أن التنمية المستدامة أضحت وعيا جماعيا يوحد دول المنطقة العربية، اعتبارا لكونها المنهجية الوحيدة الكفيلة بتأمين مستقبل الأجيال القادمة وحفظ حقها في الاستفادة من الموارد الطبيعية، مؤكدا أن تطوير برامج التعاون وتبادل التجارب والخبرات بين بلدان المنطقة يكتسي أهمية بالغة في هذا الإطار.
من جهتها، قالت الأمينة التنفيذية بالوكالة للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) السيدة خولة مطر، في كلمة مماثلة، إن تنظيم هذا المنتدى يأتي تعبيرا عن الإرادة الإقليمية للتعامل مع خطة التنمية المستدامة لسنة 2030، التي تعد إطارا مشتركا لاستعادة الأمل في المستقبل ومواجهة التحديات المطروحة من منظور تكاملي يراعي الأوليات الوطنية ويحفز على العمل المشترك والتعاون بين دول المنطقة.
وفي هذا السياق استعرضت السيدة مطر مختلف الصعوبات التي تحول دون تحقيق خطة التنمية المستدامة بالمنطقة العربية لسنة 2030، والتي يأتي تنفيذها في ظل تحديات كبرى وأزمات مزمنة، في مقدمتها الاحتلال الإسرائيلي والحروب والنزاعات المسلحة التي تسببت في نشوء موجة غير مسبوقة من اللاجئين إلى جانب ارتفاع معدلات الفقر والبطالة.
وخلصت السيدة مطر بالقول “أمامنا خطة لتغيير هذا الواقع بأفضل منه، خطة تسعى إلى تحقيق تنمية بشرية شاملة أساسها العدالة وروافدها نمو مستدام صديق للبيئة، يحقق العيش الكريم للجميع في عالم يسوده السلم والعدالة والمساواة”، مضيفة “لم يعد بإمكاننا الركون إلى خيار العمل كالمعتاد، الذي لم يعد يتيح تحقيق التغيير المنشود، سواء على المستوى العالمي أو الإقليمي أو الوطني”.
من جانبه، أوضح الأمين العام لجامعة الدول العربية السيد أحمد أبو الغيط في كلمة تليت بالنيابة عنه، أن المنطقة العربية أصبحت اليوم أمام مفترق طرق غير مسبوق نتيجة للاضطرابات والإشكاليات الداخلية التي أضحت تخيم على بعض دولها، والتي أدت إلى تفاقم مستويات الهشاشة والفقر، مشيرا إلى أن اجتثاث مظاهر الفقر يظل أحد أبرز التحديات التي تواجه مسلسل تحقيق التنمية المستدامة بالمنطقة.
وأكد في هذا الصدد على ضرورة توحيد جهود دول المنطقة العربية مع جهود المنتظم الدولي الذي يضع التنمية المستدامة على رأس أولوياته، وعيا منه بكونها السبيل الأنجع للحفاظ على الموارد الطبيعية وضمان استدامتها، ومن ثم ضمان مستقبل مشرق لأجيال القادمة.
يذكر أن المنتدى العربي للتنمية المستدامة لعام 2017، ينظم من طرف الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالشؤون العامة والحكامة، ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا “الإسكوا”، وجامعة الدول العربية، وذلك بتعاون مع منظمات الأمم المتحدة العاملة بالمنطقة العربية، وذلك خلال الفترة الممتدة من 3 إلى 5 ماي الجاري.
ويروم هذا المنتدى استعراض التجارب الوطنية في مجال التنمية المستدامة وتقييم مدى تقدمها، وتحديد أولويات العمل للسنوات المقبلة في ظل الظروف التي تشهدها المنطقة العربية، والبحث في آليات تنفيذ خطة التنمية المستدامة لسنة 2030 التي اعتمدتها الأمم المتحدة على المستوى الإقليمي للقضاء على الفقر والهشاشة، وتوفير سبل الارتقاء الاجتماعي والعيش الكريم.
وستتوج أشغال هذا المنتدى بإعداد تقرير حول أهم الرسائل المنبثقة عن الحوار الإقليمي حول فرص وتحديات تنفيذ خطة التنمية بالمنطقة العربية، والذي سيتم عرضه في المنتدى السياسي رفيع المستوى المعني بالتنمية المستدامة الذي سينعقد في نيويورك خلال الفترة ما بين 10 و19 يوليوز 2017.
ويشارك في هذا المنتدى وزراء ومسؤولو عدد من المنظمات الإقليمية والدولية التابعة للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، وممثلو كل من القطاعات الوزارية والبرلمانات العربية، وشبكات ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص، وعدد من الخبراء والمهتمين.
يشار إلى أن المملكة المغربية قدمت السنة الماضية تقريرا طوعيا بالأمم المتحدة حول الاستعراض الوطني للتنمية المستدامة في أفق سنة 2030.