ندوة بمتحف بنك المغرب تسافر بالحاضرين عبر تاريخ المسيرة الخضراء من خلال قطعها التذكارية

ندوة بمتحف بنك المغرب تسافر بالحاضرين عبر تاريخ المسيرة الخضراء من خلال قطعها التذكارية

نظم متحف بنك المغرب، يوم الأربعاء بالرباط، ندوة فكرية بعنوان “خمسون عاما من ذاكرة مسكوكة: المسيرة الخضراء في مرآة قطعها التذكارية، حين ينقش التاريخ على المعدن، تصبح الرموز أبدية”، وذلك بمناسبة تخليد الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء المظفرة.

وتميزت هذه الندوة بمشاركة كل من الأستاذ المتخصص في تاريخ الصحراء المغربية نور الدين بلحداد، والباحثة المتخصصة في تاريخ النقود بمتحف بنك المغرب، بشرى مزين.

وقال مدير متاحف بنك المغرب، رشدي البرنوصي، في افتتاح هذه الندوة، إن المتحف ينظم هذه الندوة احتفاء “بمناسبة مزدوجة، تجمع بين تخليد الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء، ومواكبة الدينامية الإيجابية التي تشهدها قضية الوحدة الترابية للمملكة على الصعيد الدولي”.

وأبرز السيد البرنوصي أن هذا الحدث يندرج أيضا ضمن مساهمات المتحف، باعتباره مؤسسة وطنية، في ترسيخ الذاكرة الوطنية وصونها من خلال تنظيم معارض وندوات وفضاءات للتأمل والتعلم.

وذكر، في هذا السياق، بأن تاريخ المغرب الحافل بمحطات مشرقة هو مصدر إلهام واعتزاز للأجيال، وأن نقل هذا التراث وإعادة تقديمه في صيغ معاصرة يعد جزءا من رسالة المتحف ومهمته التربوية والثقافية.

وفي مداخلته، اصطحب الأستاذ نور الدين بلحداد الحضور في رحلة كرونولوجية عبر أربعة عشر قرنا من التاريخ المغربي، مستعيدا المراحل المفصلية التي أرست عمق الروابط الدينية والسياسية والإنسانية بين المغرب وأقاليمه الجنوبية.

وأبرز في طرحه أن المسيرة الخضراء لم تكن أبدا حدثا معزولا، بل نتيجة لمسار تاريخي متجذر في الوعي الجماعي للأمة المغربية، يربط البيعة الشرعية بالولاء المتواصل للعرش العلوي المجيد.

وأوضح الأستاذ بلحداد أن هذا الامتداد التاريخي، الذي بدأ مع انتشار الإسلام في المغرب واستقرار روابط البيعة والزعامة الروحية في مختلف الجهات، وصولا إلى مرحلة الكفاح الوطني ضد الاستعمار، يبرهن على الاستمرارية السياسية والدينية للمملكة في صحرائها.

وخلص إلى أن المسيرة الخضراء جسدت ذروة هذا المسار الطويل، باعتبارها ترجمة سلمية لإرادة الوحدة الوطنية، ورسالة حضارية وإنسانية أعادت إلى الواجهة قيم الوفاء والولاء التي توحد المغاربة حول ملكهم ووطنهم.

من جهتها، قدمت الباحثة بشرى مزين في عرضها تحت عنوان “رسالة فنية ورسالة منقوشة على المعدن”، قراءة فنية وتاريخية لمسار تطور النقود التذكارية التي خلدت ذكرى المسيرة الخضراء.

وأوضحت أن هذه القطع النقدية تشكل شهادة مادية على عمق الذاكرة الوطنية، إذ توثق من خلال رموزها ورسوماتها لمراحل متعددة من تاريخ المسيرة، وللقيم التي ميزت هذا الحدث التاريخي الاستثنائي.

وأبرزت الباحثة أن تطور هذه القطع عبر عن تحول جمالي ورمزي لافت، مضيفة أن الإبداعات اللاحقة اتجهت نحو اعتماد تقنيات فنية حديثة مثل دمج اللون وإدماج رموز الانفتاح والتجديد، إلى جانب تضمين مقاطع شعرية وشعارات وطنية، بما يجعل من هذه المسكوكات “ذاكرة منقوشة” تُخلد مسيرة وطنية متجددة في رموزها ومعانيها.

واختتمت هذه الفعالية الثقافية بوصلة موسيقية أدّتها جوقة بنك المغرب، قدمت خلالها مختارات من المقطوعات الوطنية الخالدة التي تحتفي بروح المسيرة الخضراء، في أجواء رمزية عبرت عن قيم الوحدة والتلاحم والوفاء التي جسدتها هذه الذكرى الوطنية المجيدة.