من ينتظر “حزب الله” فهو واهم!!!
كثيرون، من متتبعي الحرب الإسرائيلية الفلسطينية في شقها الراهن، الذي أدى إلى منح القوات الإسرائيلية المبررَ الكافي لسحق بسطاء الشعب الفلسطيني، ومعهم بالمناسبة آلاف من مقاتلي حماس وكتائب القسام وفصائلهم الأخرى، وذلك بفضل الهجمة المتهورة، بل المدبّرة بإحكام بين قيادات فلسطينية فاسدة وعميلة تجلس على صناديق مليئة بمئات الملايين من الدولارات متفرجةً من بعيد، ومخابرات الموساد، التي أفسحت لمقاتلي هؤلاء المجال واسعا للعب دورهم في انتصار وهمي عمّر سويعات معدودة، لتنطلق بعدها مباشرة آلة الحصاد البشري الإسرائيلية فتجعل غزة حُطاماً ستذروه رياحُ الشتاء الواقف على الأبواب، وتُحوِّل سكانَها البسطاء المساكين إلى جثث متحللة يأكلها العفن، وترتع فيها الحشرات من كل الأشكال والأنواع، وكل ذلك، في إطار خطة متفق عليها بين إسرائيل وعملائها من القيادات الفلسطسنية، ومن حماس تحديداً، ترمي إلى تهجير سكان غزة إلى صحراء سيناء، والتكفل بما يتطلبه ذلك من ثمن باهظ لا ريب أن أمريكا وبريطانيا وفرنسا ومن يدور في فلك ثلاثتِها مستعدة جميعها لتسديده للخزينة المصرية، “وفوقه بوسة”، حتى لا تعترض مصر على العملية كلاًّ أو بعضاً، غيرَ آبهةٍ بتصريحات الرئيس السيسي الرافضة ولكنها مُحتشِمة… وكل ذلك، والعرب يتفرجون وعيونهم على حاملات الطائرات والبوارج الحربية العملاقة التي تفضلت قوات حلف الشمال الأطلسي بإرسالها كإشارة تهديدية إلى كل من تسول له نفسه أن يسمح لضميره بالاستيقاظ، أو يستنهض حَمِيَّتَهُ العروبية، أو يفكر، مجرد التفكير، في أن يَمْزِج دمَه بالدم الفلسطيني، المُراق على أرصفة غزة والقطاع ليل نهار!!!
كنت أقول: في أتون هذه الحرب، غير المتكافئة بكل المقاييس، ينتظر أغلب المتتبعين أن تتسع رقعة المعارك بانضمام تنظيم حزب الله اللبناني، او بالأحرى التنظيم الذي يحتل لبنان بقوة السلاح، إلى المعمعة، وأن يفتح على إسرائيل جبهة جديدة يُفترَضُ أنها ستكون شرسة وموجِعة… ولكن شيئا من ذلك لم يقع ولن يقع، لماذا؟ ذاك هو السؤال!!!
“نصر الله” زعيم “حزب الله”، والواقع أن كليهما لا يستحقان أن يضاف اسماهما إلى اسم رب العزة، ليسا سوى بيدقين من بيادق مَوْلاهما الإيراني، وأداتين من أدوات تطويع هذا الأخير لضعاف العرب والمسلمين، وهو المطوَّق عنقُه باتفاقات سرية، لم تعد تخفى على أحد من العارفين، مع السلطات الإسرائيلية، يشهد عليها، بالملموس، التعاون الإيراني الإسرائيلي في مجالات اقتصادية وصناعية وتجارية تتجاوز قيمتها مئات الملايير من الدولارات، فضلاً عن كون السياسة الخارجية الإيرانية مبنية على أساس أحادي لن تتنازل السلطة الإيرانية عنه قيد شعرة، ألاَ وهو إضعاف كل ما يمت للعرب بأيّ صلة، والحرص على تغذية الخلافات العربية/العربية بكل الوسائل، بما فيها شراء الذمم والولاءات، كما هو الشأن بالنسبة لحزب الله اللبناني بالتحديد، ولقيادات حماس أيضا!!!
على المتتبعين، الذين ينتظرون انضمام حزب الله إلى النضال الفلسطيني المصاب في مقتل، أن يتذكروا معارك هذا التنظيم ضد القوات الإسرائيلية في سنة 2006, وهي المعارك التي روّج لها زعيم حزب الله كما لو كانت انتصاراً حقيقياً، بينما هي مجرد مسرحية شبيهة تمام الشبه بما أقدمت عليه قيادات حماس في ذلك السبت الأغبر، إذ أنها انتهت إلى خسائر فادحة تكبدتها لبنان دولة وشعباً، واثمرت واقعا جديدا يخدم إسرائيل بامتياز، وهو تخندق القوات الأممية على الجانب الإسرائيلي الذي انطلقت منه هجمات قوات نصر الله، لتصير تلك المعارك مجرد خطة محبوكة لتأمين جبهة إسرائيل من ذلك الجانب!!!
استمعوا لنصر الله، زعيم حزب الله وهو يصرّح، قبل بضعة أيام فقط، بأن حماس لم تستشره ولم تُنَسّق معه قبل قيامها بهجوم ذلك السبت، وبالتالي فإنه لا يسعه أن يدخل في معارك غير محسوبة العواقب ولم يُستشَر حولها مُسْبَقاً(!!!)، هذا منتهى الجبن، ولكنه أيضا، يفضح خبث الموقف الإيراني، الذي يبدو أنه كان في ظاهِره مسانِدا لمشروع حماس الهجومي في بداياته، قبل أن ينقلب عليها ويتركها تواجه قدرها على انفراد… وهذا لا أعتقد أن عاقلا سيشك في كونه مدبَّراً في الخفاء بين المخابرات الإيرانية والإسرائيلية والعمالة الفلسطينية واللبنانية ومَن هي على هذه الشاكلة من التنظيمات المريبة واللقيطة، والتي تلعب بالكاد أدوارَ أرانب السباق بين الحين والآخر وليس أكثر!!!
إذَنْ، فالفلسطينيون البسطاء يواجهون قدرهم على انفراد… ومعهم مقاتلون شباب مُغَرَّرٌ بهم من لدن قياداتهم العميلة، بينما العرب في دول المواجهة أعينُهم مسمّرة على بوارج الحلف الأطلسي الإسرائيلي وحاملات طائراته التي تستعرض عضلاتِها على مرمى حجر من تخومهم البحرية… وفي الجانب الآخر، من هذا المشهد المُريع، تنتظر صحراءُ سيناءَ أن تَرِدَ عليها جحافلُ بقايا الفلسطينيين البسطاء، المكلومين والجرحى والمعطوبين، لتأويهم في خيام لن تلبث أن تتحول إلى بنايات “سطاندار” تجمع شتاتهم بينما هم “أمواتاً في عِداد الأحياء”!!!
هذه كل الحكاية، لِمَن لا يزالون ينتظرون أن ينضم “حزب الشيطان” إلى المعركة… والأيام بيننا!!!