متى تستيقظ فرنسا من أحلامها المخملية؟!!

متى تستيقظ فرنسا من أحلامها المخملية؟!!

يبدو للباحثين والدارسين.. المنقّبين في متاهات السياسة الدولية.. أن فرنسا صارت عجوزاً شمطاء.. تركب فوق مكنستها السحرية.. وتمارس فوقها ما يشبه جولات بابا نويل وهي تحوم حول عروش أباطرة إفريقيا.. الذين نصّبتهم بطريقة من الطرق ليكونوا حرّاسَ حدائقها الخلفية.. وليؤمّنوا لها استمرارية النهب الممنهج لخيرات إفريقيا إلى ما شاء الله!!!

إن الباحثين والدارسين يعلمون أكثر من غيرهم بأن فرنسا تربطها بأولئك الأباطرة اتفاقيات في غاية السرية.. تجعل لها نصيباً لا يقل عن أنصبة أسود الأدغال الإفريقية ذاتها.. في معادن إفريقيا.. وغازها ونفطها.. وأحجارها الكريمة وألماظها.. وفي أخشابها.. وثرواتها البحرية.. وفي السواد الأعظم من مواردها المادية وغير المادية… وكل ذلك لفترات لن تنتهي في الآفاق المنظورة بكل تأكيد!!!

باختصار.. إن لها نصيباً لا يُضاهَى في الدم الإفريقي.. الذي ما لبثت الخزينة الفرنسية تمتصه بكل النهم والشرَه الممكنيْن والمحتمليْن!!!

هل هناك أحد يستطيع أن يتنبأ بمجيء يوم تشفَى فيه “فرنسا/دراكولا” من عشقها لامتصاص الدم الإفريقي.. بعد أن أدمنت ذلك العشق ولم تعد ترى الوجود إلا من خلاله؟

لا أعتقد ذلك إلى إشعار آخر.. وهذا الإشعار لن يأتيَ إلا على أيدي الأفارقة أنفسهم.. وقد بدأ مثقفوها يلعبون بفتائل توشك أن تشتعل بين أيدي الفرنسيين.. ولذلك يشهد الباحثون والدارسون هرولة الرئيس الفرنسي إلى بلدان إفريقية بعينها.. له فيها قادة/بيادق لا ليشاركهم كؤوس المُدام.. التي التُقِطت له صورٌ فاضحةٌ وهو يعربد بها جِهاراً.. وإنما ليطمئن إلى أن بلاده لن تخسر ما ظلت تمتصّه على مر السنين.. وأن ذلك إن قدر له أن يقع فليكن في فترة حكم خَلَفه أو أحد أخلافه وليس في ولايته تحديداً.. وقد بدا واضحا وضوح الشمس في ضحاها أنه لن يتحمّل خسراناً مبيناً من هذا القَبيل!!

البرلمان الفرنسي بدأ في الآونة الأخيرة يلقي باللائمة على الرئيس لأنه تورّط وورّط معه القوات الفرنسية في فيافي مالي.. ولأنه لم يكتف بذلك.. بل زاد عليه الدعوة إلى خوض حرب مفتوحة مع الروس دفاعا عن حكم نازيّ في أوكرانيا.. لمجرد سواد عيون ماماه أمريكا.. طامعاً في جعل هذه الأخيرة من جراء ذلك تصمت على فعلاته السوء في إفريقيا.. وجميعنا يعلم أن الولايات المتحدة الأمريكية لها يد فيما صار يصدر عن الأفارقة من انفلاتات تهدد ببوار “فرنسا الإفريقية”.. وذهابها من إفريقيا إلى غير رجعة.. وكيف لا وأمريكا تريد موطئ قدم راسخة في القارة السمراء…

بيد أنّ المشكل اتخذ الآن منحًى جديداً يجسِّده تعثُّر الرئيس الفرنسي داخلياً.. ووقوعه على قفاه بسبب قانونه الرامي إلى الزيادة في سن التقاعد.. وهو القانون الذي رفضه الشارع الفرنسي مدعوما بالأغلبية البرلمانية.. التي لا يتوفر عليها الرئيس ذاته.. الشيء الذي اضطره إلى اللجوء للفصل 49/3 من الدستور الفرنسي لتمرير ذلك القانون من تحت أنف السلطة التشريعية.. وكل هذا جعل موقف فرنسا يزداد ضعفا على الأصعدة الخارجية.. وعلى المستوى الإفريقي تحديداً.. ولعل هذا يشكّل أفضل فرصة لدعم الانقلاب الإفريقي على الهيمنة الفرنسية وهي في أوج ضعفها وهوانها.. حتى إذا أفاق السيد ماكرون من دوخته الداخلية وجد إفريقيا قد غادرت حظيرته بصورة قطعية ولا رجعة فيها!!!

إنها فرصة العمر لإيقاظ فرنسا من حلمها المخملي.. الذي أدمنته منذ بداية حملاتها التبشيرية الأولى.. في إفريقيا تحديداً.. و الذي كانت دائما تبرره برغبتها في “نشر قيم الثورة الفرنسية”.. (العدل والأخوة والمساواة).. وها هي فرنسا نفسُها.. اليوم.. تترنح بلا عدل.. ولا أخوة.. ولا مساواة!!!

أما آن الأوان لكي تفيقي يا عجوز.. بعد أن انتهى زمن صولاتك وجولاتك؟!!