عاشوراء ترتبط بشيوع طقوس السحر والشعوذة

عاشوراء ترتبط بشيوع طقوس السحر والشعوذة

ترتبط مناسبة "عاشوراء" التي توافق العاشر من شهر محرم في السنة الهجرية، بعادات وطقوس احتفالية مختلفة لدى المغاربة، 

كما أنها مناسبة للأطفال لاقتناء آخر اللعب والهدايا، أو العزف على آلات موسيقية مختلفة منها "الطعريجة" بالنسبة إلى الفتيات، في الوقت الذي ارتبطت في التراث المغربي ببعض العادات منها "شعالة" الذي يلهبها الأطفال والشباب في مختلف الأحياء في تاسع محرم، أو "زمزم" الذي يتراشق من خلاله الأطفال والشباب بالمياه في عاشر أول شهور السنة الهجرية،  كما ترتبط بشيوع طقوس السحر والشعوذة، و تنشط فيها أروقة عدد من الأضرحة و"السادات" تيمنا بهذه المناسبة.

ففي هذه الفترة يتحول المشعوذين والمشعوذات إلى نجوم كبار يقصدهم الغني والفقير من مختلف الأجناس والأعمار، من اجل القيام بأعمال السحر والشعوذة لاعتقادهم الراسخ أن أعمال السحر بهذا اليوم، يستمر مفعولها لعام كامل ولا يضطرون لتجديدها، ويعتمدون في ذلك  على أفعال خسيسة تختلف بحسب الغاية التي يصبون إليها، ولا تنجو منها حتى الحيوانات التي يسخرونها غالبا للتفريق بين المرء وزوجه.

وبخصوص أبرز أشكال الشعوذة التي ترتبط بالمناسبة، هو "التهييج أو الجلب أو ما يسمى بسحر المحبة"، و"سحر التفريق بين الزوج والزوجة"، و"السحر الذي يؤدي إلى الصراعات والخصومات العائلية".

فبمدينة سطات يقوم عدد من العطارين بالاستعداد لهذه المناسبة بجلب أنواع البخور والأعشاب والمواد التي قد يحتاجوها المشعوذين والمشعوذات للقيام بأعمال السحر.

ونظرا لكون مهنة الشعوذة تعد مهنة تغني أصحابها، الشيء الذي ساهم في تحول عدد من أحياء مدينة سطات إلى أوكارا للمشعوذين و السحرة، وتنامت هذه الآفة بشكل مهولو أصبحت مهنة لكثير من ذوي النفوس الضعيفة  وعديمي الذمة والضمير للعمل بها لإلحاق الأذى والضرر بالأفراد و الأسر دون إدراك منهم بالأضرار المترتبة عليها و اتخاذها مصدرا لقوتهم على حساب المغفلين و البسطاء من الناس.

و الملاحظ أن  الكثير من العاطلين والعاطلات يسعون إلى امتهان هذه الحرفة القذرة و المربحة- بعدما تحول معظم المشعوذين إلى أصحاب مال و نفوذ- من أجل كسب لقمة العيش ولو عن طريق النصب والاحتيال مستغلين سذاجة زبنائهموعدم وعيهم وقابليتهم للاستغلال، وكثيرا ما تكون أقوال وأفعال المشعوذ مجرد وعود لا تتحقق دائما ومع ذلك يصدقها الزبناء بشكل لا يترك مجالا للشك.

وبهذه المناسبة  يكثر التردد على دور الشعوذةوقد أًبح أمرا عاديا وشائعا ولم يعد الوضع محرجا كما في الماضي، إذ توسعت دائرة الشعوذة بشكل كبير لتشمل مختلف الفئات الاجتماعية المتعلمة وغير المتعلمة الغنية والفقيرة وهذه الوضعية خطيرة جدا، وتساهم في تطور الشعوذة بشكل فظيع ومخيف، خاصة مع وجود أشخاص على قدر كبير من العلم والمعرفة، لكنهم يفتقرون إلى الوعي، ولا يشكل العلم مناعة قوية لحمايتهم من الاستسلام للشعوذة وطقوسها.

ثم إن غياب وعي حقيقي وتوعية جادة بخطورة هذه الظاهرة بين مختلف مكونات المجتمع المغربي، يؤثر بشكل كبير في انتشار الشعوذة وتغلغلها في مختلف البيوت المغربية مما يجعل مصير الأشخاص والمحيطين بهم بيد“الشوافة“ أو“الفقيه“ .

و ما يزيد من استفحال هذه الظاهرة هو الأرضية الهشة المتمثلة في طغيان ثقافة الإيمان بالمعتقدات المتوارثة عن بعض السدج أو اليائسين جراء تفشي الجهل و التخلف و المشاكل الاجتماعية والاقتصادية .

 وتعد فئة النساء من أكبر الشرائح التي تتخذ بيوت ومحلات المشعوذين قبلة لها، فواحدة لم تلحق قطار الزواج تحمل معها احجبة وتمائم و طلاسيم عساها أن تظفر بالعريس، وأخريات تذهبن إلى أمثال هؤلاء من أجل قراءة الطالع والحظ، أو من اجل استمالة قلوب الرجال كما أن هناك فئة من النساء المتزوجات اللائي يسعين إلى تذليل رجالهم إذا ما أحسسن أنهن قد فقدن المنزلة عندهم و ذلك بالسحر و وصفات الدجالين بدل  لغة الحوار و سياسة التفاهم.

كما يسعى بعض المراهقين من الطلبة والطالبات إلى معرفة مستقبل مسيرتهم الدراسية فيلجؤون إلى العراف.. أما رجال السياسة والفن والثقافة هم الآخرون لهم حكايات غربية مع الدجالين يستعينون بهم خوفا على مناصبهم وقصد تحصينها من دسائس أعمال الحاسدين والأعداء.

 أما إذا تكلمنا على أهم الأماكن التي تعرف انتشار الشعوذة لوجدناها تلك الأحياء الشعبية الفقيرة، أين يتواجد البؤس والشقاء والانحلال الأخلاقي وغيره من الآفات الاجتماعية. والمار وسط هذه الأحياء  لسوف يشم الروائح الكريهة من أنواع البخور الغريبة التي تطيب لمعشر شياطين الجن و الإنس و لم يعد يقتصر حرق و التخلص من وصفات و طبخات المشعوذين على البيوت و المستودعات بل تعداه إلى الحمامات الشعبية بالاعتماد على خدمات المستخدمين بها أو ما يعرف" بالفرناطشي"، حتى المقابر لم تستلم من أيادي المشعوذين والمشعوذات.

كما أصبح لهذه الحرفة جيش من الأعوان كل حسب تخصصه، فهناك من تناط به مهمة الترويج و الدعاية للعرافة أو المشعوذة ،فضلا عن الوسطاء و دكاكين العطارة و العشابة ممن يبيعون كل المواد المستعملة من لدن السحرة و المشعوذين بدءا من الإعشاب و انتهاءا بمخ الضبع الذي يوزن بميزان الذهب و الذي قد يصل جزء منه إلى حوالي 5000 درهم .

لدى وجب مقاومة الأمية عموما والأمية الدينية خصوصاً، وانخراط مختلف المؤسسات الفاعلة في الجوانب التربوية والدينية والاجتماعية والثقافية والإعلامية والفنية والتشريعية، والتصدي كل من موقعه لهذه الظاهرة، التي تعرف تناميا في ظل غياب تدخل صارم للسلطة المختصة.