جنيف.. فرص تنموية واعدة لتموقع المغرب كفاعل محوري يربط إفريقيا بالعالم (خبراء)
أبرز خبراء في الشؤون الاقتصادية والاستراتيجية، في ندوة نظمت بجنيف أمس الثلاثاء، الفرص الواعدة التي يحملها تموقع المغرب كفاعل محوري يربط إفريقيا بالعالم.
وأوضح المتدخلون من مشارب مختلفة في اللقاء الذي نظمته منظمة التنمية الاقتصادية والاجتماعية (PSED)، أن المغرب، بالخيارات الاقتصادية والتنموية التي نهجها وبالمكتسبات التي حققها خلال السنوات الأخيرة، فتح أعين القارة على إمكانيات هائلة لبناء مشروع تنموي شامل ومستقل يخدم بالدرجة الأولى مصالح ساكنة القارة.
ليس فقط بموقعه الجيو-استراتيجي المتميز، بل أيضا بفضل إنجازاته الملموسة في مجال البنيات الأساسية والاستثمار في قطاعات عالية القيمة المضافة، واستقراره الذي يحفز مناخ الأعمال، يرى نور الدين عباد، رئيس المنظمة غير الحكومية، المعتمدة لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة، أن المغرب يتموقع في صدارة الدول القاطرة لتحفيز مسلسل التنمية ببلدان القارة.
وقال نور الدين عباد، إن هذه المزايا تجعل المملكة التي تجسد أحلام 1,4 مليار من ساكنة القارة، حاضنة لاستثمارات تكاملية تربط أوروبا بإفريقيا، ومحورا لشراكات رابح-رابح، معتبرا أن المغرب يفتح الباب أمام إفريقيا، منها وإليها، معتدا بالتراكم المحقق في مجال البنيات الأساسية والمناطق الصناعية والهيكلة الماكرو-اقتصادية.
وتوقف رئيس المنظمة غير الحكومية عند النموذج البارز الذي يشكله ميناء طنجة المتوسطي، مشيرا إلى الاستثمارات بملايير الدراهم في الأقاليم الجنوبية، بما يجعل المغرب، على الأرض، بوابة ربط جيو-اقتصادي للقارة بمختلف الشركاء الدوليين.
وأبرز الخبير الاقتصادي الإيفواري أداما أدجومايي، أن المغرب يقدم نفسه عمليا كشريك فاعل وداعم للمشاريع التنموية في عدد من بلدان إفريقيا، على طريق امتلاك القدرة على رفع تحديات المستقبل والتحكم في صناعة برامج تنموية تنبع من صميم الحاجيات الذاتية ومن حيوية الذكاء الجماعي للأفارقة في قارة تعتبر أرض الفرص غير المستغلة.
وقال أدجومايي إن الواقع مازال دون طموحات الأفارقة لكن المؤشرات تتحرك والرهان الأساسي يتمثل في تحقيق انتقالات جذرية في أسلوب صناعة الثروة من الاعتماد على تسويق المواد الأولية إلى الانخراط في الصناعات التحويلية التي تنتج القيمة المضافة.
من جهته، قدم كريستوف بيار دوفيكيريدو، رئيس الغرفة التجارية السويسرية بالمغرب، عرضا عبر الفيديو حول تطور العلاقات السويسرية المغربية في المجال الاقتصادي، مسجلا تحقيق المبادلات بين البلدين أرقاما قياسية خلال سنة 2022، مما يفتح آفاقا واعدة أمام مستقبل حافل بالفرص.
وأبرز أن كبريات العلامات التجارية السويسرية حاضرة في النسيج الاقتصادي المغربي (لافارج، نيستلي، روش..)، لكن الساحة ما زالت مفتوحة أمام الكثير من الاستثمارات، مراهنا على عمليات تشجيعية لتوجيه المقاولات الصغرى والمتوسطة السويسرية نحو ولوج السوق المغربية واستغلال الفرص الاستثمارية المتاحة في العديد من القطاعات عالية القيمة، وبالتالي فتح الباب للدخول إلى مختلف أنحاء القارة الإفريقية.
من زاوية مغايرة، قدم ألان جوردان، الصحفي والباحث في الشؤون الاستراتيجية، قراءة في المشهد الاستراتيجي بالقارة في علاقتها بأوروبا، معتبرا أن الدينامية الراهنة التي تطبعها سياسات قارية مستقلة تخدم الحاجيات التنموية الحقيقية لأبناء إفريقيا تعد بمثابة موجة جديدة من نزع الوصاية الاستعمارية.
واعتبر جوردان أن المغرب نموذج لهذه الدينامية من خلال حركية دبلوماسية مشروعة لتنويع الشركاء وانخراط قوي في الاستثمار في قطاعات عالية الإنتاجية، ليؤكد أن المملكة بوابة لا محيد عنها نحو القارة في ظل تنافس محتدم بين القوى الكبرى.
وذكر بأن المغرب خرج قويا من موجة الربيع العربي، بنضج سياسي وبوعي مواطناتي بأهمية الاستقرار كقاعدة لبناء مشروع تنموي للمستقبل، تعمل المملكة على تقاسم آلياته وثماره مع دول القارة.
أما بابلو دوميير، مؤسس الجمعية السويسرية لطلبة الدبلوماسية، فاستعرض قائمة من مقومات الامتياز التي تضع المغرب في موقع القاطرة داخل محيطه القاري، متحدثا عن موقع جيو-استراتيجي داعم، ونمو اقتصادي مطرد وتجربة في الصمود أمام أزمة كوفيد وأوراش إصلاحية في مختلف حلقات النسيج الاقتصادي وتوجه ممنهج نحو تنويع الأنشطة الإنتاجية، فضلا عن الاستناد على نظام مالي قوي وتحيين متواصل لآليات تحفيز ومواكبة المستثمرين.
وأشار دوميير إلى الشبكة الواسعة من اتفاقات التبادل الحر التي تفتح المغرب على شركاء من مختلف الأنحاء، ورهاناته الاستباقية على مستوى الرقمنة والطاقات المستدامة والابتكار وريادته في تنشيط التعاون والتبادل على المحور جنوب-جنوب.