الجماعات الترابية.. نحو مزيد من العدالة الجبائية

الجماعات الترابية.. نحو مزيد من العدالة الجبائية

يمثل مشروع القانون الأخير المتعلق بجبايات الجماعات المحلية خطوة مهمة إلى الأمام نحو تحقيق العدالة الجبائية وتحسين موارد الجماعات الترابية، حتى تتمكن من أداء مهامها في مجال التنموية الجهوية.

ولم يتأخر هذا المشروع طويلا في ترجمة توصيات المناظرة الوطنية الثالثة حول الجبايات، المنعقدة يومي 03 و04 ماي 2019 بالصخيرات بشكل ملموس، مع تطلعها إلى أن تشكل حجر الزاوية في بناء نظام ضريبي محلي، وفقا للقانون – الإطار حول إصلاح الجباية الذي سيصدر في وقت لاحق.

ويرتكز مشروع القانون رقم 07.20 الذي يقضي بتغيير وتتميم القانون رقم 47.06 المتعلق بجبايات الجماعات المحلية، على عدة محاور، من بينها مدى ملاءمة المقتضيات الحالية للجباية المحلية، ومراجعة القواعد التي تحكم أساس بعض النفقات المحلية وتحسين تحصيل بعض الرسوم المحلية.

وقال زكرياء ملياني، الأستاذ الجامعي في كلية العلوم الاقتصادية والاجتماعية والقانونية بالمحمدية، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن “إصلاح الجباية المحلية الذي وضعته وزارة الداخلية يندرج في إطار استمرارية ورش الإصلاح الجبائي الوطني، لاسيما أشغال وتوصيات مناظرة 2019″، مشيرا إلى أن هذا الإصلاح الأخير يوفر العديد من التحسينات في العديد من المحاور ذات الأولوية، خاصة المجالين الاجتماعي والعقاري.

وبالفعل، أعاد المشروع، الذي من المقرر أن يدخل حيز التنفيذ اعتبارا من يناير 2021، تحديد مفاتيح توزيع الضريبة المهنية بهدف توفير المزيد من التمويل لصناديق الجماعات الترابية التي أضحت تستفيد من 87 في المئة من مداخيل الضريبة المهنية، بينما تذهب 11 في المئة للغرف المهنية و 2 في المئة للميزانية العامة للدولة.

ومن حيث الحوافز، حدد هذا المشروع سقفا أدنى لتحصيل الضرائب المحلية التي يجب أن تتجاوز قيمتها 200 درهم، مع إلغاء المستحقات الجبائية في تحصيل أقل من 200 درهم.

وأشاد الأستاذ الجامعي بالتوجهات ذات البعد الاجتماعي لهذا القانون، مثل الإعفاء الكلي لدافعي الضرائب أقل من 200 درهم والتشجيع على بناء حرم الجامعات والإقامات الإيجارية للطلبة تشمل 50 غرفة كحد أدنى بدلا من 500 غرفة كانت موجودة سابقا، مما يشكل هدية من الدولة تجاه بعض الفئات الفقيرة داخل المجتمع من أجل تحسين ظروفها المعيشية.

ويتضمن مشروع القانون، من جهة أخرى، أحكاما تستهدف المنعشين العقاريين، من حيث ان الضريبة على عمليات البناء ستهم، بما يتجاوز عمليات البناء، تلك المتعلقة بمواءمة عمليات البناء السري بحد أدنى للقيمة محدد في 100 درهم.

ويتراوح هذا الرسم الضريبي من 200 إلى 500 درهم بالنسبة لعمليات التجديد و 500 إلى 1000 درهم بالنسبة لعمليات الهدم واجبة الدفع عند إصدار التراخيص ذات الصلة.

وبخصوص الجانب العقاري، أكد السيد الملياني أن هذه الإصلاحات المعدلة تتسم بمنطق سليم، مستشهدا كمثال بزيادة الضرائب للمنعشين الذين لا يمتثلون للمخططات الأولية للأشغال، والتخفيف من الشروط الضريبية لمجزئي الأراضي في ضوء صعوبة الظرفية الاقتصادية الراهنة.

وأعرب، مع ذلك، عن أسفه لأن الإصلاح الجبائي الحالي لا يجيب عن جميع تساؤلات دافعي الضرائب والملزمين بأداء الضرائب، لاسيما بشأن سلطة التقدير والمعايير الموضوعية التي تجعل “بعض رؤساء الجماعات يفرضون ضرائب أكثر من غيرهم على أصحاب الأراضي غير المبنية”، داعيا إلى “معاملة أكثر إنصافا لضمان عدالة جبائية متوقعة”.

وأضاف “ينبغي توسيع الوعاء الضريبي بالنسبة لدافعي الضرائب بحنكة ودقة، حتى لا يكون لها عائد اقتصادي سلبي لأن الكثير من الضريبة يقتل الضريبة”.

وأوصت المناظرة الوطنية الأخيرة حول الجبايات بمراجعة عامة للجباية المحلية، عبر استبدال الضريبة المحلية على أساس القيمة الإيجارية، وكذا الضريبة على الأراضي الحضرية غير المبنية بالضريبة العقارية المحلية على أساس القيمة السوقية.

ويتعلق الأمر كذلك بإرساء نظام جبائي مخصص لحماية البيئة وتخصيص عائداتها لفائدة الجهات.

وبحسب تقرير لمجلس الحسابات خصص للجباية المحلية، فقد بلغت مداخيل الجماعات الترابية في المعدل ​​27.5 مليار درهم سنويا، خلال الفترة 2009-2013. وبمعدل سنوي يبلغ 21.5 مليار درهم، تمثل المداخيل الجبائية للجماعات 79 في المئة من إجمالي المداخيل الجبائية للجماعات الترابية، بما مجموعه 15 مليار درهم للجماعات الحضرية و6.5 مليار درهم للجماعات القروية.