التعليم العالي بسطات.. دينامية متواصلة لتطوير العرض البيداغوجي

يعيش كل من إقليم سطات وبرشيد على وقع دينامية متواصلة في مجال التعليم العالي، تقودها جامعة الحسن الأول، بهدف تنويع العرض البيداغوجي وتطوير البحث العلمي، مع إيلاء اهتمام خاص بالفئات الهشة وتعزيز مقومات الإدماج السوسيو-اقتصادي للطلبة.
وعلاوة على دورها البيداغوجي، باعتبارها منارة للعلم والمعرفة، فإن تقريب مؤسساتها من الطلبة، في إقليمين متراميي الأطراف، ظل يشكل هاجسا بالنسبة للقائمين على تدبير شؤونها، ما دفع إلى البحث عن حلول تضمن للطالب متابعة دراسته في أفضل الظروف.
فبالمؤسسات ذات الاستقطاب المفتوح، كما هو الحال بالنسبة لكلية العلوم القانونية والسياسية، والتي يكون جل الطلبة المسجلين بها من أبناء المنطقة، تم الاعتماد على تقوية شبكة النقل الجامعي. وفي ما يخص المؤسسات ذات الاستقطاب الوطني كما هو الحال، على سبيل المثال، بالنسبة لكلية العلوم والتقنيات، كان الرهان الأكبر يتمثل في تقوية شبكة الإيواء الجامعي.
وفي هذا الإطار، تضطلع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، بدور حيوي وهام، من خلال دعمها ومواكبتها للعديد من المبادرات الاجتماعية التي تترك أثرا إيجابيا مباشرا على المئات من الطلبة، وتمكنهم من متابعة مسارهم الجامعي بأريحية.
النقل الجامعي كرافعة أساسية للاندماج
في إطار تعزيز الدعم الاجتماعي للطلبة، يحظى النقل الجامعي من إقليم برشيد إلى مختلف المؤسسات الجامعية بسطات بأهمية خاصة، حيث تعمل جمعية تنمية النقل المدرسي العمومي ببرشيد، على توفير خدمات نقل آمنة ومتواصلة لفائدة الطلبة المتجهين إلى جامعة الحسن الأول بسطات.
وتتوفر الجمعية على 16 حافلة مخصصة للنقل الجامعي، بفضل مساهمة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي تبلغ 600 ألف درهم سنويا، ومساهمة إجمالية منذ انطلاق المشروع وصلت إلى 2.94 مليون درهم، إلى جانب دعم إضافي بقيمة 340 ألف درهم لتغطية مصاريف الوقود والصيانة.
ويستفيد الطلبة من هذه الخدمات يوميا، عبر خطين رئيسيين: الأول من مدينة الدروة، والثاني من مدينة برشيد، في اتجاه جامعة الحسن الأول بسطات.
وفي سياق دعم الطلبة، أكد رئيس جمعية دعم النقل المدرسي ببرشيد، مصطفى الإبراهيمي، أن “النقل الجامعي يشكل عنصرا محوريا لضمان تكافؤ الفرص وتمكين الطلبة، خاصة المنحدرين من مناطق بعيدة أو من أسر معوزة، من متابعة دراستهم الجامعية”.
وأضاف، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الجمعية “توفر 16 حافلة للنقل الجامعي بفضل دعم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية والشركاء المحليين، تعمل على نقل الطلبة من 10 جماعات تابعة للإقليم، وهو ما ساعد على تقليص نسبة الانقطاع عن الدراسة وضمان تنقل آمن وميسر للطلبة”.
وأشار إلى أن الجمعية تنظم رحلات يومية تصل إلى خمس رحلات، يستفيد منها 3600 طالب مداوم على الرحلات خلال فترة الدراسة، بالإضافة إلى حوالي 1200 طالب وطالبة يستفيدون من النقل خلال فترة الامتحانات.
السكن الجامعي.. حافز للتحصيل في أفضل الظروف
يشكل توفير السكن الجامعي للطالبات والطلبة المسجلين بجامعة الحسن الأول القادمين من مناطق بعيدة محط اهتمام كبير من قبل مختلف المتدخلين.
وهكذا، تبلغ الطاقة الاستيعابية للحي الجامعي بسطات، وفق التقرير السنوي للحي الجامعي يونيو 2025، ما مجموعه 3278 سريرا، موزعة على 1652 بسبع عمارات للسكن و354 بدار الطالبة، و608 بمؤسسة الرعاية الاجتماعية/ دار الطالبة الجامعية.
وفي هذا الصدد، اعتبرت الطالبة صفاء الزباخ، القادمة من مدينة القصر الكبير، خريجة المعهد العالي لعلوم الصحة، فوج 2024-2025، المستفيدة من خدمات السكن الجامعي والمنحة، أن الدعم الاجتماعي لها ولزميلاتها “شكل حافزا قويا للاستقرار النفسي والتركيز على الدراسة”.
وأكدت أن حصولها على السكن الجامعي والمنحة مكاناها من التفوق وفتحا الباب أمامها من أجل استكمال دراستها الجامعية، مضيفة أنه “ساعدني هذا الأمر على تقليص المصاريف وتخصيص وقتي كاملا للتحصيل”.
تنويع العرض البيداغوجي وتعزيز البنيات
وضمن هذه الدينامية، أكد رئيس جامعة الحسن الأول، عبد اللطيف مكرم، أن “مؤسسات الجامعة تشتغل مع شركاء سوسيو-اقتصاديين ضمن رؤية استراتيجية منفتحة على الأوراش الكبرى للمملكة”.
وأوضح في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الجامعة، في إطار برنامج تطويرها، “تعززت وما تزال بمؤسسات جديدة، من بينها كلية اللغات والفنون والعلوم الإنسانية، ومعهد علوم الرياضة، والمعهد العالي لعلوم الصحة، والمدرسة العليا للتربية والتكوين، إلى جانب برمجة مدرسة عليا للذكاء الاصطناعي والبرمجة”.
وأشار السيد مكرم إلى أن الجامعة تعطي “أولوية كبيرة للرقمنة واللغات والأنشطة الموازية، مع تركيز خاص على الذكاء الاصطناعي باعتباره محورا استراتيجيا”، مبرزا أن هذه الجهود تتكامل مع شبكة واسعة من الشراكات بلغت 30 شراكة ساهمت في تطوير التكوين وتعزيز البنيات التحتية ورفع الطاقة الاستيعابية.
مشاريع مهيكلة لخدمة الجامعة والساكنة
وتعززت هذه الدينامية، وفق إدارة الجامعة، عبر مشاريع مهيكلة مثل استكمال بناء معهد علوم الرياضة، الذي يضم ملعبا نصف أولمبي وقاعات رياضية كبرى، وبرمجة مركب رياضي جامعي خاص بالطلبة والساكنة.
كما تمت المصادقة على مشروع لتهيئة محيط الجامعة بغلاف مالي يبلغ 300 مليون درهم بشراكة مع مجلس جهة الدار البيضاء-سطات والمجلس الإقليمي وجماعة سطات، مما سيجعل الفضاء الجامعي أكثر انسجاما واندماجا مع محيطه.
وفي إطار تشجيع البحث العلمي والمبادرات الريادية، أحدثت الجامعة “مدينة الابتكار” كفضاء علمي مفتوح للأساتذة والطلبة الباحثين، يضم حاضنة لمشاريع الطلبة، ويرتبط بشبكة من المقاولات الشريكة على المستويين الوطني والدولي.