ليلة 27 من رمضان بين الاجر والثواب والسحر والشعوذة

ليلة سابع والعشرين من رمضان تعرف طقوس خاصة بالمغرب حيث ان العديد من الناس لاعتقادهم انها تصادف ليلة القدر التي انزل فيها القران و فضلها الله سبحانه وتعالى عن سائر الليالي،

 وجعلها خيرا من ألف شهر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه"، ففي هذه الليلة تنزل الملائكة ومعهم جبريل عليه السلام على عباد الله المؤمنين يشاركونهم عبادتهم وقيامهم ويدعون لهم بالمغفرة والرحمة، ليلة يستقبلها المسلمون بكل حفاوة من أجل التقرب إلى الله تعالى فيكون الاحتفال بليلة السابع والعشرين طعم خاص، طقوس وشعائر طوال الليل، تكثر الصلاة والدعاء، وانتظارات لأي لحظة قد تفتح فيها أبواب السماء لتقبل أدعية وتضرعات المسلمين، ينتظرها المغاربة بفارغ الصرب من اجل التقرب من الله عز وجل روحيا واجتماعيا وماديا من خلال الصدقات والتعبد وزيارة الأقارب حيث تلقى عندهم أهمية خاصة وإقبالا كبيرا على المساجد مقارنة مع الأيام العادية الأخرى، فيها تتعالى حلقات تلاوة القرآن وتكثر دروس العلم بعد صلاة التراويح ويمكثون في المساجد حتى مطلع فجر اليوم التالي، قبل ذلك يسارعون إلى إخراج زكاة الفطر ودفعها إلى مستحقيها من الفقراء ويكثر تبادل التحية وزيارة الاقارب والجيران، لكن هناك من ينتظر هذه الليلة بفارغ الصبر ليس من جل نيل  اجرها وثوابها، وانما هي مناسبة لممارسة مختلف طقوس الشعوذة والسحر اعتقادا منهم أن لها مفعول قوي وفعال خلال هذا اليوم بالذات، حيث تقوم هذه الفئة باعداد العدة قبل ذلك بايام، حيث يقومون بزيارة بيوت السحرة والمشعوذين من اجل ممارسات اعمال شيطانية من أجل تحقيق أغراض تختلف بين تحقيق أهداف شخصية كجلب المحبة او تحسين العلاقة الزوجية وبين إلحاق الأذى بالآخرين كدافع الانتقام، كما تتم زيارة العطارين لشراء مستلزمات شعوذتهم ومستحضرات أعمالهم السحرية، معتقدين ان هذه الليلة مصيرية في حياة الإنسان يتحدد فيها مصيره ورزقه، والذي يستمر حتى تحل ليلة القدر من السنة القادمة، وأنه في هذه الليلة يطلق سراح الشياطين المصفدة لكون المعتقد السائد بأن الجن تسجن خلال شهر رمضان ولا تتحرر إلا في أواخره. والجان كما هو معلوم هي عناصر أساسية في كل أعمال السحر بالمغرب،حيث ان هذه الفئة تخضع لما يزينه الشيطان في نفوسهم خلال ليلة القدر، فيقترفون السيئات التي تتضاعف بدورها في هذا الشهر لأنه من الأزمنة الفاضلة، وتعزى اسباب ذلك الى الجهل واتباع الظنون المجردة من أي أدلة علمية أو شرعية، والإحساس بالضعف عن مواجهة المشاكل العائلية والاجتماعية بالطرق السليمة،  والخوف من المجهول، والشعور بالظلم وعدم الاهتداء لطرق استرجاع ما يعتبر من الحقوق الضائعة والرغبة في الانتقام بشكل خفي من غير ظهور في الصورة، والغريب في الامر ان هذه الاعمال لا يتعاطى لها الاميين والفقراء والجاهلين وحدهم، بل إن العصريين والمثقفين الحاصلين على مؤهلات علمية وثقافية عالية والمالكين لسيارة فاخرة، يلجأن هم  بدورهم إلى خدمات المشعوذين، حيث اصبحت لدى البعض منهم عادة لابد لهم من ممارستها وتجديدها، فالوصفات السحرية تتنوع بحسب الغرض فقد تكون عبارة عن مواد تأكل او عبارة عن بهارات يتم رشها بالاكل او عبارة عن شموع مع بعض التعويدات او عبارة عن "فاسوخ" ، او غيرها من انواع السحر سواء كان ابيض او اسود، فهاته المواد التي تستعمل تخلق لدى متناوليها  اضطرابات صحية مزمنة قد تؤدي بالبعض إلى الوفاة أو الانزواء في البيت لا يقوى على الوقوف أو فعل شيء باعتبار تلك المواد سموم قاتلة، كما ان هذه الليلة تشكل فرصة للمشعوذين والعطارين لتحقيق  للاغتناء حيث تكون مداخيل المادية بهذه المناسبة مرتفعة تفوق ما يحصله في شهور، مستغلين  في ذلك سفاهة عقول هذه الفئة وسذاجتهم ورغبتهم في الحصول على مرادهم، لدى وجب مقاومة الأمية عموما والأمية الدينية خصوصاً، وانخراط مختلف المؤسسات الفاعلة في الجوانب التربوية والدينية والاجتماعية والثقافية والإعلامية والفنية والتشريعية، للتصدي لهذه الظاهرة، كل من موقعه.