تسليط الضوء على الدلالات التاريخية للمسيرة الخضراء خلال ندوة بواشنطن

سطلت ثلة من الشخصيات الأمريكية البارزة من عالم السياسة والبحث الأكاديمي، أمس الخميس بواشنطن، الضوء على الدلالات التاريخية للمسيرة الخضراء، “أكبر مظاهرة سلمية في العالم”.
وأكد العضو السابق بمجلس النواب الأمريكي ورئيس التحالف الديمقراطي، جيم موران، في مداخلة خلال ندوة حول التاريخ المعاصر للمغرب نظمت بمناسبة الذكرى الـ 44 للمسيرة الخضراء، إن هذه الأخيرة كانت حدثا “تاريخيا” و”فريدا من نوعه في العالم” لأنها وضعت، بفضل طابعها السلمي، “معيارا حول كيفية تدبير النزاعات الصعبة”، معتبرا أنها “تشريف لكافة الشعب المغربي ولقادته”، لا سيما جلالة المغفور له الحسن الثاني.
وشدد موران على أن المسيرة الخضراء “كانت لحظة فارقة في الجهود الرامية إلى إعادة الصحراء إلى مكانها الصحيح كجزء لا يتجزأ من المغرب”، مشيرا إلى أن “أفضل حل لساكنة الصحراء هو أن تعيش تحت السيادة المغربية مع حكم ذاتي موسع”.
وقال العضو السابق بالكونغرس الأمريكي “لسنا بحاجة إلى كيانات فاشلة أخرى على هذا الكوكب”، داعيا المجتمع الدولي إلى التحلي بـ”البراغماتية” وعدم “المساهمة في خلق دويلات قزمية غير قابلة للحياة اقتصاديا”.
كما ذكر موران بدعم الحزبين الجمهوري والديمقراطي للمبادرة المغربية للحكم الذاتي في الكونغرس الأمريكي، سواء بمجلس النواب أو الشيوخ، مشيرا إلى أن 233 نائبا و54 من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين سبق أن وقعوا رسائل وجهت للرئيسين الأمريكيين جورج بوش الابن وباراك أوباما لدعم مبادرة الحكم الذاتي كحل “جاد وذي مصداقية” كفيل بإنهاء هذا النزاع الإقليمي.
وأبرز أنه منذ سنة 2014، تشمل المساعدات التي يخصصها الكونغرس للمغرب الأقاليم الجنوبية بشكل منهجي.
من جهتها، وصفت المحامية وأستاذة القانون بالجامعة الأمريكية، إليزابيث مايرز، المسيرة الخضراء بأنها “حدث رائع للغاية قام به الشعب المغربي بقيادة ملكه”، مشيرة إلى أن الأمر يتعلق بـ”مظاهرة جماهيرية استراتيجية لحمل إسبانيا على إرجاع أرض للمغرب كان يطالب بها منذ زمن بعيد”.
وقالت إن “تاريخ الصحراء لم يبدأ في سنة 1975″، موضحة أن النزاع حول الصحراء هو مثال على أن “نظام بيعة قبلي كان ساريا منذ قرون قبل مجيئ الاستعمار” الإسباني.
وذكرت بأن “محكمة العدل الدولية كانت أكدت وجود روابط تاريخية للبيعة بين القبائل الصحراوية والمغرب قبل قدوم إسبانيا بكثير”، مشددة على أن النزاع الحالي “ليس سوى مخلف من مخلفات الاستعمار في شمال إفريقيا”.
وبدروها، قالت الكاتبة ورئيسة تحرير مجلة “إنسايد أرابيا”، وفاء حلام، إن المسيرة الخضراء كانت بمثابة “استجابة شجاعة للغاية من جانب الشعب المغربي” لنداء جلالة المغفور له الحسن الثاني.
وأبرزت أن “المغاربة موحدون حتى اليوم في إيمانهم بمغربية الصحراء”، مشيرة إلى أن “هذه الوحدة رائعة في بلد يتسم بتنوع كبير”.
كما سلطت الكاتبة الضوء على المساهمة الأساسية للنساء في إنجاح المسيرة الخضراء، مذكرة بأن 35 ألف امرأة مغربية شاركن “بالروح والجسد” في هذا الحدث التاريخي.
من جانبه، توقف الرئيس المؤسس للمجلس الوطني للعلاقات الأمريكية العربية، جون ديوك أنطوني، عند الروابط التاريخية العريقة التي تجمع بين المملكة المغربية والولايات المتحدة، مذكرا بأن المغرب كان “من دون شك أول صديق للولايات المتحدة وأول بلد اعترف بجمهورية الولايات المتحدة الأمريكية الفتية”.
واستعرض أنطوني أيضا العديد من العوامل التي تجعل من المغرب حليفا مهما للولايات المتحدة في المنطقة، مستحضرا، على الخصوص الشرعية “الدينية والإيديولوجية” للسلالة العلوية.
كما شدد الخبير في العلاقات الدولية على أن اليهود المغاربة ظلوا دائما يعتبرون مكونا أساسيا في التنوع المغربي، مشيدا، على الخصوص، “بالشجاعة غير العادية” لجلالة المغفور له محمد الخامس، الذي وفر “حماية كاملة” للجالية اليهودية أمام تمدد النازية خلال الحرب العالمية الثانية.
وتم تنظيم هذه الندوة، التي احتضنتها رحاب كلية الحقوق بالجامعة الأمريكية بواشنطن، بمبادرة من سفارة المغرب بالعاصمة الفيدرالية الأمريكية.