أكاديمية المملكة المغربية.. محاضرة تسلط الضوء على هوية المدينة الإسلامية بين المستشرقين والباحثين المعاصرين

أكاديمية المملكة المغربية.. محاضرة تسلط الضوء على هوية المدينة الإسلامية بين المستشرقين والباحثين المعاصرين

سلطت محاضرة نظمتها أكاديمية المملكة المغربية، اليوم الخميس بالرباط، حول هوية المدينة الإسلامية، على عناصر النقاش حول هذه المدينة، التي أغنت الحوار بين المستشرقين والباحثين المعاصرين.

وركز محمد مزين، الأستاذ بجامعة محمد بن عبد الله بفاس، الذي ألقى هذه المحاضرة التمهيدية حول “المدينة في العالم الإسلامي: نقاش حول الهوية”، في إطار الندوة الدولية التي تنظمها أكاديمية المملكة المغربية حول موضوع “المدينة في العالم الإسلامي، المنطلقات والتحولات”، على مراحل تطور هوية المدينة الإسلامية، والانتقادات التي تعرضت لها الأطروحات التي حاولت تحديد هذه الهوية.

واعتبر المحاضر، في هذا الصدد، أن النقاش حول المدينة الإسلامية لم يوشك على الانتهاء، على اعتبار أن هذا النقاش تأسس مع المستشرقين خلال القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين، ثم تم تحيينه منذ ستينيات هذا القرن، ثم انطلاقا من الألفية الثالثة، عبر تخصصات قريبة من الجغرافيا وعلم الاجتماع وعلم الآثار والتاريخ، مؤكدا أن هذا النقاش أصبح اليوم مسلكا ضروريا لفهم المدينة في عالم إسلامي متحول.

وأوضح أن الهوية التي أضفاها المستشرقون على المدينة الإسلامية، والتي قاومت على مدى أزيد من قرن، شكلت محل انتقادات، خاصة مع حلول جيل جديد شكك في أنظمة تحديد الهوية والانتماء التي كانت سائدة في زمن المستشرقين الكلاسيكيين.

وتطرق الأستاذ مزين إلى الموقع الذي احتلته المدينة في تاريخ الإسلام والعالم الإسلامي، مبرزا في هذا السياق أنها شكلت ركيزة لانتشار الإسلام، من خلال الفتوحات، ومركزا ورمزا لسلطة الدولة.

وتناول الباحث بالتمحيص أيضا مكانة المدينة في أعمال الباحثين المغاربة، والتي ميزت مسارهم المعرفي، حيث تم إنجاز عدة دراسات في هذا الجانب بلغت 2862 وثيقة، وهو ما يعكس برأيه الأهمية المتزايدة للكتابات حول المدينة خلال العقود الأخيرة.

وخلص الأستاذ مزين إلى أن هذه المحاضرة توخت تقديم اللبنات المهمة لتصور تاريخ المدينة الإسلامية وهويتها، انطلاقا من ماض لا يزال مترسخا في الحاضر.

وتميزت أشغال هذا اليوم من الندوة الدولية حول “المدينة في العالم الإسلامي، المنطلقات والتحولات”، أيضا، بتنظيم ورشة حول “المدن العواصم في الغرب الإسلامي” عرفت تقديم مداخلات تمحورت على الخصوص حول “وليلي أول عاصمة للأدارسة” و”فاس من الأدارسة إلى الموحدين حسب حفريات جامع القرويين” و”قبل القاهرة أول عواصم الفاطميين”.

واستعرض المتدخلون، في هذه الورشة، بعض أعمال الحفريات التي تمت في بعض المواقع الأثرية لمدينة وليلي، والمرتبطة على الخصوص بالمساكن الأولى بالمدينة والعملة التي كانت متدوالة في عهد الأدارسة.

وسلطوا الضوء على نوعية البنايات التي كشفت عنها الآثار التي تم العثور عليها من خلال أعمال الحفر، مشيرين إلى أن الأمر يتعلق ببنايات دينية يدل عليها وجود آثار من قبيل المحراب ونقوش لبعض الآيات القرآنية.

وتعتبر هذه الندوة، المنظمة على مدى ثلاثة أيام بالتعاون مع مجلة (هيسبيريس-تمودا) الصادرة عن كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، فرصة لتنظيم نقاش يعرض من خلاله المشاركون إسهاماتهم العلمية التي ستصدر في عدد خاص من المجلة المذكورة حول المدينة في العالم الإسلامي.