أدى أمير المؤمنين صلاة الجمعة بمسجد”ابوبكر الصديق” بالدار البيضاء

أدى أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، اليوم، صلاة الجمعة ب "مسجد أبو بكر الصديق" بمدينة الدار البيضاء.

وبين الخطيب في مستهل خطبتي الجمعة أن الدين أحكام وأخلاق، وأنه لا بد لمن يسعى إلى الطاعة في الأحكام أن يسعى إلى التحلي بأخلاق الإسلام، المعدن الغني للأخلاق، موضحا أن الأخلاق في الإسلام مراتب ودرجات ومقامات، وأن خلق العفو ليتربع على هرم الأخلاق الفاضلة، فهو يصفي النفس ويزكيها، فتعيش في طمأنينة وسعادة ورضا، مسرعة إلى تنفيذ ما أمرت به مصداقا لقول الله تعالى: "سارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والارض أعدت للمتقين الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس، والله يحب المحسنين".

 وأضاف أن الله تعالى أعد أجرا عظيما للمتصفين بكظم الغيظ والعفو عن الناس، ومعناه التسامي عن معاملة الناس بالمثل إذا أخطأوا في حقنا أو ظلمونا، وذلك كله يتطلب مجاهدة خاصة للنفس، فمن وفقه الله جاهد نفسه، وكبح جماحها، وروضها على العفو والصفح، حتى يصير من المحسنين، فينال حب الله تعالى ومعيته.

وأكد الخطيب أن العفو خلق الصالحين والأتقياء، وخلق الذين يحبون ويسعون إلى مغفرة الله تعالى، وخلق الذين يرجون جزيل الثواب من الله تعالى القائل في محكم كتابه: "فمن عفا وأصلح فأجره على الله".

وأضاف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان القدوة العليا، والأسوة الحسنة في تجسيد خلق العفو والتسامح والحلم، بحيث كان وافر الحلم والاحتمال، كثير الفضل والإفضال، يصل من قطعه، ويعطي من منعه، ويبذل لمن حرمه، ويعفو عمن ظلمه، ويغضي طرفه عن القذى، ويحبس نفسه عن الأذى، ويصبر على ما يشق ويكره، ولا يزيد مع أذى الجاهل إلا صبرا وحلما، وما خير بين أمرين إلا اختار أيسرها ما لم يكن إثما، ولم يؤاخذ الذين كسروا رباعيته ( السن التي بين الثنية و الناب)، بل دعا لهم وعفا عنهم، وكم عفا عن مثلهم، وتجاوز عما بدا من المنافقين في حقه قولا وفعلا، ولم يقابل من شتمه، ولا من أراده بسوء بالمثل.

 وأبرز الخطيب أن أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس ،نصره الله، يقتدي بجده المصطفى عليه الصلاة والسلام في العفو والصفح، فلا يترك جلالته مناسبة دينية أو وطنية إلا شمل فيها بعفوه وحنوه الأبوي، عددا غفيرا ممن زلت بهم أقدامهم فاقترفوا ما اقترفوا، كما يواصل حفظه الله الصدح بالنداء الذي أطلقه والده جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني رحمه الله "إن الوطن غفور رحيم"، وهو من المظاهر السامية للعفو والصفح، أبلغ معانيه وأوسع مجاليه.

 وأشار الخطيب ، من جهة أخرى ، إلى أن الله تبارك وتعالى خص أمة الإسلام بأيام وليال فاضلة، جعلها ذات يمن وخير وبركة ومغفرة ورضوان ورحمة، وأن من هذه الليالي ليلة القدر المباركة التي نتأهب لإحيائها بعد ثلاثة أيام، وهي ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان المبارك الكريم.

 وأوضح أن هذه الليلة خصها الله تعالى بتنزل الملائكة والروح من الملكوت الأعلى إلى الأرض، يملأونها نورا وإشراقا، ويعمرونها ذكرا وحضورا، ودعاء للمؤمنين واستغفارا، ويكونون لهم أمنا وأمانا، واطمئنانا وسلاما، وذلك ما تضمنته السورة الخاصة بهذه الليلة المباركة، الجامعة لمزاياها وخصوصياتها وفضائلها الدينية.

 وذكر الخطيب بأن أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، اقتداء منه بسنة جده المصطفى عليه الصلاة والسلام وسنن صحابته الأبرار، وسيرا على نهج أسلافه الميامين الكرام في اغتنام فضل ليلة القدر المباركة فيما يرضي الله من صالح الأعمال، دأب جلالته ، حفظه الله، على إحياء هذه الليلة في جو تغمره الرحمات الإلهية، وتعطره النفحات الربانية، وتحفه الملائكة، ويشمله قول الرسول الأكرم :"وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده".

 وابتهل الخطيب، في الختام، إلى الله عز وجل بأن ينصر أمير المؤمنين، وحامي حمى الملة والدين، صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصرا عزيزا يعز به الدين، ويوحد به كلمة المسلمين، وأن يصلح به وعلى يديه، وأن يقر عينه بولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن، ويشد عضد جلالته بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وكافة أفراد الأسرة الملكية الشريفة. 

كما تضرع إلى العلي القدير بأن يغدق شآبيب عفوه وفضله، وسحائب مغفرته ورحمته ورضوانه على الملكين المجاهدين، جلالة المغفور لهما محمد الخامس والحسن الثاني ويكرم مثواهما ويطيب ثراهما.